من صدف الأمور و غرائبها أن شركة " بريتيش بيترليوم " المتسببة في أكبر "جريمة" ضد البيئة وضد الثروة السمكية و ضد الإنسان نفسه واستمرارية وجوده على هذا الكوكب ، تتحدث عن خسائرها ؟ .
هذا التسرب النفطي الناجم عن احتراق وغرق منصة التنقيب التابعة لهذه الشركة ، وقد يجرفه التيار إلى أي مكان من الأماكن أخرى ، و بالخصوص فلوريدا والساحل الشرقي للولايات المتحدة. مقضيا على كل حياة للثروات البحرية و بالتالي على مصادر رزق الناس.
حاكم ولاية لويزيانا الأمريكية التي تشرف على خليج المكسيك، أكد بنفسه أن البقعة النفطية الهائلة التي نتجت عن تسرب النفط الخام تهدد سكان ولايته في موارد رزقهم.
ويحذر العلماء أن التيارات المائية تجرف معها النفط المتسرب لتصل به إلى فلوريدا، الأمر الذي قد يضر بالشعاب المرجانية ويقضي على المزيد من الحياة البرية والبحرية هناك. و باحثون في المعهد القومي لعلوم وتكنولوجيا ما تحت البحار اكتشفوا بالفعل بقع نفط تحت سطح البحر على عمق 1200 متر . وقد يستغرق الأمر سنوات، وربما عقودا قبل التعافي من هذا التسرب وهذه الكارثة التي سببتها " بريتيش بيترليوم " التي تتحدث عن خسائرها.
حتى أن البعض ، المستفيدين طبعا ، يقفون ضد أي كلام عن إجراءات تهدف إلى فرض غرامات على شركات النفط في حالة ثبوت مسؤوليتها عن حوادث مثل هذه الكارثة. حتى مسؤولي هذه الشركة يؤكدون إن هذه الكارثة النفطية في خليج المكسيك يجب ألا أن تكون نهاية التنقيب عن النفط في المياه العميقة ؟ .
ويؤكد المحللون أن الكارثة توشك أن تتجاوز كارثة تسرب "اكسون فالديز" عام 1989 لتصبح أسوأ كارثة تسرب نفطي في تاريخ أمريكا وربما العالم.
وكان من بديهيات الأمور أن تنشأ محكمة لتحديد المسؤولية ، كما يجري في فرنسا على اثر كارثة تحطم طائرة "الكونكورد" قبل عشرة سنوات ، مخلفة أكثر من مائة ضحية. رغم حجم هذه الكارثة و فقدان تلك الأرواح ، إلا أنها لا يمكن مقارنتها بكارثة " بريتيش بيترليوم " في الخليج المكسيك على مدى المنظور و البعيد ،بيئيا و إنسانيا.
لترك تلك الشركة المتسببة في ذالك تتكلم عن خسائرها وتعتبرها حادث عادي كالذي جرى مثلا ، "لأبولو 13" ، وتحطمه لم يؤدي إلى وقف برنامج الفضاء ... كما تراه هذه الشركة .